في أي مجتمع يسعى لتحقيق العدالة وحماية الحقوق، لا يمكن أن يستقيم ميزان القانون إلا بوجود نظام قضائي واضح يضمن لكل فرد أن يحصل على فرصته الكاملة في الدفاع عن نفسه ومراجعة الحكم الصادر بحقه، ولهذا السبب اعتمد المشرّع الأردني مبدأ تعدد درجات التقاضي الذي يمنح المتقاضين الحق في الطعن والانتقال من محكمة إلى أخرى بحسب تسلسل محدد، بحيث لا يظل الحكم بيد قاضٍ واحد فقط بل تتم مراجعته من قضاة آخرين أكثر خبرة أو أعلى درجة.
ومن هنا تظهر أهمية الاستعانة بخبرة قانونية متخصصة، فوجود أفضل محامي في الأردن إلى جانبك يختصر عليك الكثير من التعقيدات، كما أن التعامل مع شركة محاماة رائدة مثل مكتب محاماة أورينت يمنحك رؤية أوضح لمسار الدعوى ويزيد من فرصك في الحصول على حكم منصف وعادل، تابع قراءة المدونة للتتعرف اكثر على ما هي درجات التقاضي في الأردن؟
المحاكم الصلحية والابتدائية: البداية الطبيعية للتقاضي
تُعد محاكم الدرجة الأولى هي الخطوة الأولى في أي دعوى قضائية، وهي تنقسم إلى نوعين: المحاكم الصلحية والمحاكم الابتدائية. المحاكم الصلحية تختص بالقضايا الصغيرة التي لا تتطلب تعقيداً كبيراً، مثل نزاع بين جارين حول مبلغ مالي بسيط أو قضية إيجار شقة، بينما تختص المحاكم الابتدائية بالقضايا الأوسع نطاقاً مثل جرائم القتل أو قضايا الشركات الكبيرة أو قضايا الأحوال الشخصية المتعلقة بالميراث والزواج والطلاق.
ولكي يتضح الأمر أكثر، تخيّل مثلاً أن شخصاً تعرّض لضرر نتيجة عقد إيجار لم يلتزم به الطرف الآخر، فإن دعواه ستبدأ أمام المحكمة الصلحية لأنها قضية بسيطة من حيث القيمة، بينما لو كان الخلاف بين شركتين حول ملايين الدنانير فإن القضية ترفع أمام المحكمة الابتدائية لكونها أكثر تعقيداً وتحتاج لخبرة قضائية أوسع.
قد يهمك شروط الإعسار في القانون الأردني ٢٠٢٥: دليلك الكامل لفهم القانون و إجراءات
محاكم الاستئناف: فرصة جديدة لمراجعة الحكم
عندما يصدر الحكم في الدرجة الأولى، قد يشعر أحد أطراف الدعوى بأن النتيجة لم تكن منصفة تماماً أو أن القاضي لم يمنح الأدلة والوثائق المقدمة وزنها الكافي، وهنا يظهر الدور الجوهري لمحاكم الاستئناف التي تشكل درجة أعلى في سلم القضاء، فهي لا تعيد المحاكمة من البداية كما قد يظن البعض، وإنما تنظر في مدى صحة الحكم الصادر وتبحث فيما إذا كان قد استند إلى أسس قانونية متينة وإجراءات صحيحة، مما يمنح المتقاضين فرصة ثانية لمراجعة قضيتهم على يد قضاة آخرين أكثر خبرة.
وللتوضيح بمثال عملي، قد يصدر حكم على أحد التجار بخسارة مالية كبيرة نتيجة نزاع تجاري مع شريكه، إلا أنه يرى أن المحكمة الابتدائية لم تأخذ بعين الاعتبار تقريراً فنياً قدّمه خبير محاسبي يوضح تفاصيل جوهرية في القضية، فيلجأ عندها إلى محكمة الاستئناف ليطلب إعادة النظر في هذه النقطة تحديداً، وهو ما يتيح إمكانية تصحيح الخطأ وضمان عدالة أوسع تعزز ثقة الأفراد بالنظام القضائي.
تعرف معنا على ما هي إجراءات تحصيل الديون في الأردن؟

محكمة التمييز: الكلمة الأخيرة في القضايا
تُعد محكمة التمييز أعلى سلطة قضائية في الأردن، وهي المرجع الأخير الذي يُلجأ إليه عندما يستنفد الخصوم درجات التقاضي السابقة. وظيفتها الأساسية ليست إعادة نظر النزاع من جديد بل التأكد من أن القانون قد طُبق بشكل صحيح.
ومن أبرز أدوار محكمة التمييز:
- مراقبة صحة الأحكام: التحقق من أن المحاكم الأدنى لم تُخالف نصوص القانون أو تسيء تفسيرها.
- توحيد الاجتهاد القضائي: إصدار قرارات تُلزم المحاكم الأدنى وتُرسّخ مبادئ قانونية مستقرة.
- الفصل في الطعون النهائية: أي حكم يصدر عنها يكون قطعياً وواجب التنفيذ ولا يقبل أي طعن آخر.
- ضمان العدالة العليا: كونها المرجع الأخير يمنحها دوراً أساسياً في حماية الحقوق وصون الحريات.
المحاكم المتخصصة: معالجة القضايا ذات الطبيعة الخاصة
إلى جانب الدرجات القضائية الرئيسية التي تبدأ بالمحاكم الصلحية والابتدائية ثم محاكم الاستئناف وصولاً إلى محكمة التمييز، توجد في الأردن محاكم متخصصة خُصصت للتعامل مع قضايا معينة لا يمكن أن تُنظر أمام المحاكم العادية، وذلك بسبب طبيعة هذه القضايا وحساسيتها. ومن أبرز هذه المحاكم محكمة العدل العليا التي تتولى النظر في الطعون المقدمة ضد القرارات الإدارية الصادرة عن الجهات الحكومية أو المؤسسات الرسمية، وهي بذلك تشكل صمام أمان أمام أي تجاوز إداري يمكن أن يمس حقوق الأفراد أو الشركات.
كما نجد المحاكم الشرعية التي تختص بالنظر في مسائل الأحوال الشخصية للمسلمين مثل الزواج والطلاق والنفقة والإرث وهي قضايا تمس حياة الناس اليومية بشكل مباشر وتحتاج إلى قضاة متخصصين في الفقه وأحكام الشريعة الإسلامية. وهناك أيضاً المحاكم العسكرية التي تتعامل مع القضايا المرتبطة برجال القوات المسلحة والأمن، إضافة إلى محكمة الجمارك التي تفصل في النزاعات المتعلقة بالضرائب الجمركية والاستيراد والتصدير.
ويمكن القول إن وجود هذه المحاكم المتخصصة يكمل صورة النظام القضائي الأردني، إذ يضمن أن كل نزاع يُعرض على الجهة الأنسب له، مما يسهل سير العدالة ويوفر دقة أكبر في إصدار الأحكام، فالقضايا الإدارية لا تختلط بالقضايا العائلية، والنزاعات التجارية لا تتداخل مع النزاعات العسكرية، وبذلك تبقى العدالة واضحة المعالم لكل من يلجأ إلى القضاء.
قد يهمك التعرف على شروط تأسيس شركة في الأردن: دليل عملي للمستثمرين
أهمية تعدد درجات التقاضي
بطبيعة الحال إن مبدأ تعدد الدرجات القضائية ليس مجرد إجراء شكلي، بل هو ركيزة أساسية لضمان العدالة وحماية حقوق الأفراد، حيث يتيح للمتقاضين فرصة حقيقية لمراجعة الأحكام والتأكد من سلامتها. ومن خلال هذا التسلسل، يطمئن كل طرف إلى أن الحكم لن يكون نهائياً إلا بعد المرور بعدة مراحل من المراجعة والتدقيق.
وتكمن أهمية تعدد درجات التقاضي في عدة جوانب، من أبرزها:
- تصحيح الأخطاء: إذ قد يقع القاضي في الدرجة الأولى بخطأ في تقدير الأدلة أو تفسير النصوص القانونية، وهنا يأتي دور محكمة أعلى لتصحيح هذا الخطأ.
- تعزيز ثقة الأفراد بالقضاء: فمعرفة المتقاضي بأن هناك أكثر من فرصة للمراجعة يجعله أكثر اطمئناناً لعدالة النظام القضائي.
- تحقيق التوازن بين الخصوم: لأن انتقال الدعوى إلى محكمة أعلى يمنح الطرف الأضعف فرصة جديدة لتقديم دفوعه أو إبراز ما فاته في المرحلة الأولى.
- توحيد الاجتهاد القضائي: حيث تسهم المحاكم العليا، مثل محكمة التمييز، في وضع مبادئ قانونية تُلزم المحاكم الأدنى وتُحقق استقراراً في تطبيق القانون.
وبذلك يتضح أن تعدد درجات التقاضي ليس فقط حماية للحقوق الفردية، بل هو أيضاً ضمانة للمجتمع بأسره بأن العدالة تسير وفق منهجية دقيقة ومتوازنة.
يمكنكم الاطلاع على الاسئلة القانونية التي قد تهمكم
الخاتمة
في النهاية، يمكن القول إن النظام القضائي الأردني بفضل تعدد درجاته – من المحاكم الصلحية والابتدائية، مروراً بمحاكم الاستئناف، وصولاً إلى محكمة التمييز – قد وضع آلية متكاملة لضمان العدالة، وهو ما يعكس حرص المشرّع على أن تكون الأحكام بعيدة عن الخطأ قدر الإمكان، ويمنح الأفراد والشركات شعوراً بالثقة بأن حقوقهم محمية.
لذلك فالحاجة للاستعانة بخبرة شركة محاماة متخصصة أو أفضل محامي في الأردن لمتابعة القضايا وتقديم المشورة القانونية الدقيقة، حيث يشكل وجود محامٍ متمرس فارقاً حقيقياً في سرعة الوصول إلى الحق وحسن إدارة الدعوى، خاصة إذا كان ذلك من خلال مكتب له سمعة قوية مثل مكتب محاماة أورينت الذي يجمع بين الخبرة العملية والفهم العميق للقانون الأردني.
تنويه: إن المعلومات الواردة في هذه المدونة تهدف إلى التوجيه العام فقط ولا تُعد استشارة قانونية. للحصول على دعم قانوني مخصص والتحديثات المتعلقة بالأنظمة المعمول بها، يُرجى التواصل مع مكتب أورينت لو للمحاماة والاستشارات القانونية. فريقنا على استعداد لتقديم حلول مصممة خصيصاً لتلبية احتياجاتكم القانونية. ولأي استفسارات أو طلب مساعدة، يمكنكم الاتصال بنا مباشرة أو حجز موعد عبر الإنترنت.


[…] […]